وبإسناده عن بشر بن منصور قال: قال لي عطاء الأزرق: إذا حضرت المقابر فليكن قلبك فيمن أنت بين ظهرانيه فإني بينما أنا نائم ذات ليلة في المقابر تفكرت في شى فإذا أنا بصوت يقول: إليك يا غافل! إنما أنت بين ناعم في نعمته يتذلل او معذب في سكراته يتقلب.
وبإسناده عن صالح المري قال: دخلت المقابر يوما في شدة الحر فنظرت إلى القبور خامدة كأنهم قوم صموت فقلت: سبحان الله! من يجمع بين أرواحكم وأجسادكم بعد افتراقها يحييكم وينشركم من بعد طول البلى قال: فناداني مناد من بين تلك الحفر: يا صالح: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم: 25] ، قال: فسقطت والله لوجهي جزعا من ذلك الصوت.
وبإسناده له إن عمر بن عبد العزيز خرج مع جنازة فلما قال: دعوني حتى آتي قبور الأحبة قال: فاتاهم فجعل يدعو ويبكي إذ هتف به التراب: يا عمر لا تسالني عما فعلت بالأحبة قال: وما فعلت بهم؟ قال: مزقت الأكفان وأكلت اللحم شدخت المقلتين ونزعت الكفين من الساعدين والساعدين من العضدين والعضدين من النمكبين والمنكبين من الصلب والقدمين من الساقين والساقين من الفخذين والفخذين والفخذين من الورك والورك من الصلب قال: وعمر يبكي فلما أراد أن ينهض قال له التراب: يا عمر ألا أدلك على أكفان لا تبلى؟ قال: وما هي؟ قال: تقوى اله والعمل الصالح.
وبإسناده أن أبا الدرداء مر بين القبور فقال: يا تراب ما أسكن ظواهرك وفي داخلك الدواهي.
وبإسناده له عن ميمون بن مهران قال: خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقابر فلما نظر إلى القبور بكى ثم قال: يا أيوب هذه قبور آبائي بني أمية كأنهم لم يشركوا أهل الدنيا في لذاتهم وعيشتهم أما تراهم صرعى فدخلت بهم المثلات واستحكم فيهم البلاء وأصابت الهوام في أبدائهم مقيلا ثم بكى حتى غشي عليه ثم أفاق فقال: انطلق بنا فوالله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن من عذاب الله عز وجل.
وعن ثابت البناني أنه دخل المقابر فبكى فقال: بليت أجسامهم وبقيت أخبارهم فالعهد قريب واللقاء بعيد
وعن بعض الأعراب أنه وقف على قبر وأنشد