وفيها كانت بين تمرباي نائب حلب وبين التركمان وقعة كبيرة فيها كسرة شنيعة، وارتفعت رؤوس التركمان من يومئذ ومنعوا العداد من هذا التاريخ.
وفيها ولي ناصر الدين أحمد بن التنيسي قضاء الإسكندرية وصرف عز الدين بن الريغي، وكان استقر بعد موت أبيه ثم صرف بعد قليل، وعاد ابن الريغي ثم صرف، وعاد ابن التنيسي في ذي الحجة منها، وصارا يتنازعان ذلك مدة إلى أن نقل ابن التنيسي إلى القضاء بالقاهرة كما سيأتي.
وفيها جهز الأشرف صاحب اليمن المحمل إلى مكة ومعه كسوة للكعبة، فحال أمير الركب المصري بينهم وبين كسوة الكعبة وكادت تقع الفتنة ثم خمدت بلطف الله تعالى بعناية صاحب مكة، وحصل له بسبب ذلك من اليمنيين ذكر.
وفيها حمل إلى المارستان رجل كان منقطعاً بين النهرين في عريش، فمرض فبقي ملقى على الطريق أياماً فحمله بعضهم إلى المارستان، فنزل فيه ثم مات فغسل وصلى عليه وحمل إلى المقبة، فلما أدخل القبر عطس فأخرج، ثم عوفي وعاش، وصار يحدث الناس بما رأى وعاين، وكانت هذه كائنة غريبة بدمشق في جمادى الآخرة.
وفي السادس عشر من ذي الحجة كان قد تكلم الأمراء في إبطال الأوقاف من أراضي الديار المصرية بسبب أن الواقفين يشترون الارض بطريق الحيلة ثم يوقفونها، فعقد لذلك مجلس حضره أهل العلم والأعيان، فقال برقوق: ما أضعف عسكر المسلمين إلا هذه الأوقاف، والصواب استرجاعها، فأنكر الشيخ أكمل الدين ذلك وتكلم معه ومع بركة التركي إلى أن نفر فيه بركة وأظهر الغضب، فبدر الشيخ سراج الدين البلقيني وقال: أما أوقاف الجوامع والمدارس وجميع ما للعلماء والطلبة فلا سبيل إليه، ولا يحل لأحد نقضه لأن لهم في الخمس أكثر من ذلك، وأما ما وقف على عويشة وفطيمة واشترى لأمثالهم من بيت المال بالحيلة، فينبغي أن ينقض إذا تحقق أنه أخذ بغير حق، فقال بدر الدين بن أبي البقاء القاضي: الأرض كلها للسلطان يفعل فيها ما يشاء، فرد عليه بدر الدين ابن الشيخ سراج الدين وقال: بل السلطان كآحاد الناس لا يملك من الأرض شيئاً إلا كم كما يملكه غيره، فكثر اللغط وانفصلوا على غير شيء