وكان برسباي يخدم دقماق الذي مات أخيراً بحماة، ودقماق كان من مماليك الظاهر برقوق، فيقال إنه الذي أعتق برسباي، ثم صار برسباي من أتباع نوروز، ومن قبل ذلك كان مع جكم، ثم صار مع شيخ بعد قتل الناصر وحضر معه إلى مصر فولاه نيابة طرابلس، ثم غضب منه فاعتقله عند نائب دمشق، فلما دخل ططر الشام بعد المؤيد استصحبه إلى القاهرة وقرره دويدارا كيرا فباشر، وسلطنته في ربيع الآخر سنة خمس وعشرون، وأكرم الصالح محمد بن ططر - وقرنه بولده فكانا يركبان جميعاً إلى أن ماتا بالطاعون سنة ثلاثين.
واتفق في أيام سلطنته من السعد في حركاته ما لا يوصف بحيث أنه لم يقم أحد إلا وقتل من غير أن يجهز له عسكراً أو يباشر له حرباً، وفتحت في أيامه قبرس وأسر ملكها - وقد سبق خبرها في الحوادث.
بلقيس بنت بدر الدين محمد بن شيخنا سراج الدين البلقيني، ماتت في ذي القعدة، وكانت لها شهرة تغني عن ذكرها، وهي لسان أهل بيتها، وسلكت أكثر من عشرين سنة طريق التصوف، ولبست الخرقة من جماعة وتسمت بالشيخة ووقع في ذلك أضحوكات - وبالله المستعان! وأظنها جاوزت الستين.