وكان من تأخر الأمراء عن الصلاة بالجامع ثم اجتماعهم وصلاتهم يوم الخميس الخامس من هذا الشهر وهم على حذر، ثم اجتمعوا لصلاة العيد، وخلع ولي العهد على الأمير الكبير جرت له عادة بالخلع، ثم اجتمعوا لصلاة الجمعة ثاني عشر الشهر وقد اطمأنت نفوسهم، فلما كان يوم الست الثالث عشر من ذي الحجة مات السلطان قبل العصر، فاجتمعوا بعد العصر بباب الستارة، وجلس ولي العهد وطلب القضاة والأمراء والجند، فاجتمعوا كلهم فعقدوا له البيعة بالسلطنة، ولقب الملك العزيز كما تقدم، ثم ألبس خلعة الخلافة وأركب الفرس ورفعت على رأسه القبة، ومشى الامير الكبير بالغاشية إلى أن دخل القصر الكبير فأجلس على الكرسي وجلس حوله الخليفة والقضاة، ثم وقف جميع الامراء وأهل الدولة من المباشرين وغيرهم، وقرأ كاتب السر عنوان التقليد، وادعى كاتب السر عند الشافعي عن السلطان إن الخليفة فوض إليه السلطنة على قاعدة والده وسأل الحكم بذلك فاستوفيت فيه شروط الحكم وحكم ونفذه القضاة، وركب السلطان إلى داخل الدور، وخرج الخليفة والقضاة والأمراء - والجند أجمعين إلى باب القلعة؛ وأخرج الأشرف في التابوت فوضع على المصطبة الكبرى، وتقدم الشافعي للصلاة عليه، فلما أكملوا الصلاة توجهوا به إلى تربته التي أنشأها بالصحراء فدفن بها قبل أن تغرب الشمس، ولم يتوجه معه من حاشيته إلا عدد يسير، وكثر ترحم العامة عليه، وبالغوا في سب الخازندار لما رواه في الجنازة ورموه بكل سوء، فبات بالتربة ورجع إلى القلعة فدخلها أول ما فتحت، وحضرنا الصبحة فوجدنا عدداً يسيراً من الجند وبعض الفقهاء، فلما ختم وانصرفنا اجتمع الأمراء ورؤساء الدولة عند السلطان وقرروا أمور من يسافر بخلع النواب بالبلاد، فلما كان يوم الاثنين النصف من الشهر شرعوا في تجهيز القصاد إلى البلاد لتحليف أمرائها والإذن للأمراء المجردين في الرجوع..،