سنة، ويجتمع عنده من النصارى والمسلمين للفرجة والتجارة من لا يحصى حتى صاروا يضاهون بذلك أهل الموقف بعرفة، وأفتى العلماء بهدم ذلك الدير وإزالة تلك العادة، ففوض السلطان الأمر للقاضي المالكي فلم يتفق أنه يقوم في ذلك حق القيام حتى كان ذلك في السنة المقبلة فهدم - ولله الحمد.

وفيه هرب سليمان بن عثمان مع جماعة من الروم والتركمان في غراب وكان مقيماً بالقلعة من سنة آمد، فلما عرف السلطان ذلك شق عليه فأرسل في آثارهم فأتى بهم، فحبس الصبي وقطع أيدي قوم وقتل آخرين، وكان السبب في ذلك أن سليمان هذا وهو ابن أرخن بك بن محمد بن عثمان كان عمه مراد صاحب برصا قبض على والده أرخن بك وكحله وسجنه، وكان له مملوك يقال له طوغان يقوم بخدمته، فأدخل إليه جارية وهو في السجن فحملت منه، فلما مات أرخن في السجن فر المملوك طوغان هذا بسليمان وأخته شاه زاده إلى حلب، فلما قدم السلطان إليها وقف بهما إليه وأخبره خبرهما، فأكرمهما ثم صحبهما معه إلى القاهرة، فأمر بسليمان أن يمشي في خدمة ولده يوسف، وأقامت أخته في القلعة لتكبر ويتزوجها السلطان أو ولده، فلما كانت ليلة خامس ربيع الأول فر سليمان وأخته ومن انضم إليهما فركبا بحر النيل وتوجها إلى جهة رشيد لينزلا في مركب إلى بلاد الروم، فبلغ السلطان فأرسل في آثارهم فقبض عليهم وعلى من في المركب وعدتهم خمسة وستون رجلاً، فوسط طوغان مملوك سليمان وثمانية من مماليك السلطان صحبوهم وقد قطعت أيدي الباقين ولا ذنب لهم البتة لأنهم تجار رافقهم أولئك، فلما جاء الذين أرسلهم السلطان في طلب المتسحبين خشى التجار على أنفسهم فدافعوا عنها من غير أن يعلموا الخبر لكونهم قصدوا الإستيلاء عليهم ونهبهم فظنوا أنهم حرامية، فلما دافعوا عن أنفسهم وقع الحرب بينهم فغلبوهم وأسروهم وكان ما كان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015