وبادر بعزل نفسه، فلما تحقق السلطان ذلك غضب عليه لكونه بادر بعزل نفسه بغير استئذان، وكتب إلى النائب بحبسه بالقلعة، واستمرت دمشق شاغرة عن قاض إلى أوائل شوال، فاستعطف السلطان عليه حتى رضي عنه وأعاده، ومات موسى بن السلطان المذكور في ليلة شوال.

وفي سادس عشر جمادى الأولى دخل السلطان المارستان المنصوري وصلى في محراب المدرسة أولاً ركعتين. وكان الشيخ نصر الله أخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في المحراب المذكور والسلطان قدامه يقرأ عليه سورة والضحى. ثم دخل إلى المرضى فتفقد أحوالهم، ثم إلى المجانين فقام ذلك اشخص الذي تقدم في سنة تسع عشرة وثمانمائة أنه ادعى أنه يرى الله عز وجل في اليقظة وثبت عند المالكي أنه مختل العقل فسجن بالمارستان، فكلم السلطان لما رآه وسأله أن يفرج عنه فلم يجبه.

وكان السلطان فوض أمر الأوقاف إلى مسعود الكجحاوي الذي تقدم ذكره في أخبار تمر لنك فكان من جملة أعوان الهروي ثم وقع ما بينهما وصار الهروي يؤلب عليه ويذكر معايبه وتصادق مع ابن الديري عليه، ثم دس الهروي إلى أحمد الحنبكي ورقة يذكر فيها أنه ثبت في جهة البلقيني لجهة الأوقاف والأيتام مائة ألف دينار، فعرضها أحمد على السلطان وشنع على البلقيني، فاستعظم السلطان ذلك وبحث عن القضية إلى أن تحقق أنها من اختلاق الهروي فأعرض عن ذلك.

وفي الثالث من جمادى الأولى قدم طائفة من أهل الخلي يشكوا إلى السلطان من الهروي وأنه أعطى بعضهم بيضاً وألزمه بعدده دجاجاً، فأرسلهم السلطان وأمره أن يخرج لهم مما يلزمه، فلم يصنع شيئاً وتمادى على غيه، فأغضى السلطان عنه ولزم فيه غلطه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015