لا قوة تدافع ولا دولة تحمي، أمة مصيرها معلوم محتوم، قد خلقت للشقاء والفناء.
ويولد موسى، وولادته وحياته كلها تحد لفلسفة الأسباب، ومنطق الأشياء، أراد فرعون أن لا يولد فولد، وأراد أن لا يعيش فعاش، يعيش في صندوق خشبي مسدود، وفي ماء النيل الفائض، وينشأ في حضانة العدو ورعاية القاتل، ويجد به الطلب القوي الساهر، فيفلت وينجو، ويأوي الى ظل شجرة كئيبا غريبا فيجد الضيافة الكريمة، والزواج الحبيب، ويرجع بأهله فيلفه الليل المظلم والطريق الموحش، وتتمخض زوجه فيطلب لها نارا تصطلي بها، فيجد نورا يسعد به بنو اسرائيل، ويهتدي به العالم، يطلب النجدة والمدد لامرأة واحدة، فيجد النجدة والمدد للانسانية كلها، ويُكرم بالنبوة والرسالة.
ويدخل على فرعون في أبهته وسلطانه، وفي ملأه وأعوانه، وهوالمطلوب بالأمس قد تحققت عليه الجناية، وتوجهت اليه الدعوى، وفي لسانه حبسة، وفي موقفه ضعف، فيقهر فرعون وملأه بدعوته وايمانه، وحجته وبيانه، ويلجأ فرعون الى سحرة مصبر ليقهر بفنهم معجزة موسى التي ظنها فنا وسحرا، فاذا بالسحرة خاضعون