هذا هو التفكير "السليم" وهذا هو المنطق "السديد" - كما يسميه الناس - وهذا هو الاستنتاج العلمي المبني على الدراسة، والايمان بقوة الاسباب، وطبيعة الأشياء.
ولكن هناك جماعة لا تقبل هذا التفكير، ولا تؤمن بهذا المنطق، بل تثور على هذا المنهج الفكري ثورة قوية عارمة، ان لها منهجا - في العمل - مختصا بها، والى هذا المنهج يرجع الفضل في أفضل الثورات، وأصلحها وأقواها في التاريخ، وفي تغير الأوضاع في العالم تغيرا مدهشا، وفي سعادة البشرية بعد الشقاء الطويل، وصلاح المجتمع البشري بعد الفساد الشامل.
ولا أمل للأمم الضعيفة الا في هذا المنهج، ولا مستقبل للأمم - التي تؤمن بالمبادئ، وتحتضن الدعوات - الا في هذا المنهج.
ولنفهم هذا المنهج، وقوته، وفضله، ونتائجه الباهرة للعقول، نرجع قليلا الى الماضي، ونستوحي "الصحف الصادقة"، يولد موسى في مصر في بيئة قاتمة خانقة، قد انطبقت على بني اسرائيل كل الانطباق، وسدت في وجوههم المنافذ والأبواب، حاضر شقي، ومستقبل مظلم، وقلة عدد، وفقر وسائل، وذلة نفوس، عدو قاهر، وسخرة ظالمة،