وأجساد ميتة محشوة بالليف والقطن، ليس فيها رمق من حياة، وقوة تهجم بها وتصول، حتى لا تحس منها من أحد ولا تسمع لها ركزا.
ان الصورة لا تستطيع أن تسد مكان الحقيقة وتنوب عنها، ولا يمكنها أن تمثل دور الحقيقة في الحياة وتأتي بما تأتي به من عمل ونشاط، ولا يمكن أن تقاوم الحقيقة وتكافحها، فإذا وقع صراع بينهما انهارت الصورة، ولا يمكنها أن تحتمل عبء الحقيقة، فإذا وكل أحد الى الصورة وظيفة الحقيقة أو عوّل عليها في مهمة خانته الصورة وخذلته أحوج ما يكون اليها.
والصورة ولو كانت مهيبة هائلة تغلب عليها الحقيقة ولو كانت ضعيفة متواضعة، لان الحقيقة الحقيرة أقدر وأقوى من الصورة العظيمة المهيبة، وان الولد يقدر أن يسقط الاسد الميت المحشو بالليف والقطن بيده الضعيفة الناحلة، لأن الولد يحمل حقيقة ولو حقيقة صغيرة، والاسد ليس الا صورة ولو كانت صورة مهيبة.
ان هذا العالم الذي نعيش فيه عالم الحقيقة والامر الواقع، وقد خلق الله كل شيء على حقيقته: فللمال حقيقة، وحبه فطري طبعي، ولاجل ذلك وردت عنه الاحكام ووضع الله فيه التأثير والجذب، وللاولاد حقيقة،