والحنان اليهم وحبهم فطري، ولاجل ذلك وردت الاحكام في الشرع عن تربيتهم وتعليمهم. وكذلك للحاجات الطبيعية والميول الفطرية حقيقة لا تجحد، ولا تغلب تلك الحقائق الا حقيقة أقوى ورغبة أعظم وأشد.
إننا نحتاج الى حقيقة الاسلام والايمان للظفر على الحقائق المبثوثة في العالم، أما صورة الاسلام فهي عاجزة عن أن تقهر هذه الحقائق وتنتصر عليها، وان كانت حقائق ممزوجة بالباطل، لان الصورة المجردة لا تنتصر على أي حقيقة.
ولذلك نرى اليوم بأعيننا أن صورة الاسلام أصبحت لا تغلب على الحقائق المادية الحقيرة، لأن الصورة ولو كان ظاهرها مقدسا رائعا ليس لها سلطان وتأثير، وأن صورة اسلامنا وصورة كلمتنا وصلاتنا اليوم لا تقدر أن تتغلب على عاداتنا الحقيرة، وتقهر شهواتنا الخسيسة، أو تثبتنا على جادة الحق عند البلاء والامتحان.
ان الكلمة التي كانت من قبل ذات سلطان عجيب على القلوب والارواح، وكانت تهون على الناس ترك المألوفات وقهر الشهوات، والشهادة في سبيل الله وبذل الارواح والأنفس لله، واحتمال المكاره وتجرع المرائر في سبيل الله، هي عاجزة عن أن تحمل الناس على ترك فرشهم بعد أن استغرقوا في النوم طول الليل، ويقوموا لصلاة الفجر! نعم، الكلمة التي كانت تغلب على شهوة الخمر، فتحول بين الانسان وبين الكأس وهي على راحته، فيمتنع عن شربها لان الدين يمنع من ذلك، ولأن الكلمة تأبى عليه أن يشرب الحرام، ها هي الآن قد أصبحت لا تملك أمرا ولا نهيا.
سرِّح طرفك في تاريخ الاسلام وتجول في فصوله وأوراقه، يظهر