الصغيرة التي ولد فيها، وأن يكون قلبه عامرا بحب كل انسان كائنا من كان، وأن لا تكون الاوطان والانساب عائقا، في سبيل حبه وعطفه، وأن لا يكون سعيه منحصرا في نطاق الحياة الضيق، ويلزم لكل من يدين بهذا الدين أن يحمل للبشرية رسالة للروح والقلب، والعاطفة والسياسة والاجتماع، ويملك قوة أخلاقية تراقبها في النور والظلام، والوحدة والاجتماع، والعجز والمقدرة، عنده أساس متين من العلم، وبينات ومحكمات في المدنية، وحياة نبي كان ولا يزال المثل الكامل للبشرية في مختلف ظروفه وأحواله، ومختلف عصوره وأجياله، وكل عصر وقطر، ومفزع الانسانية في كل ساعة عصيبة، وكلما حلت بها أزمة عجزت عن حلها العقول البشرية، والنظم الاجتماعية والسياسية.
إذا حجب الليل النهار، وهجمت جنود الهوى من كل جانب، وهزمت الفضيلة والاخلاق، وإذا أصبح الانسان ينحر أخاه لاجل فلس أو لأجل قرص، وإذا أصبحت الشعوب الكبيرة تزدرد الشعوب الصغيرة في سبيل الجشع أو الخيلاء، وإذا صار وثن المال يعبد على قارعة الطريق، وإذا ضحي بألوف من الناس على أنصاب الجنسية والوطنية، وإذا حال الانسان بين الانسان ورزقه، اذا التهبت نار الشهوات، وانطفأ نور القلب، اذا نسي الانسان الموت، وعكف على الحياة يعبدها، اذا غلا الجماد والمعادن، ورخص الانسان في سوق العالم، فصارت المدن العامرة تسوى بها الارض، وألوف من البشر يقتلون في دقائق وثوان بالقنبلة الذرية. اذا تغلبت الامم الاوربية على العالم، وجعلته بيت المقامرين، أو سوق الجزارين، وعبثت بالانسانية عبث الوليد بجانب القرطاس، وتلاعبت بالامم كالكرة، اذا ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، هنالك يستصرخ هذا الكون المؤمن، ويستغيث به، وهنالك تناديه الانسانية باسم الاسلام الذي طلع كالصبح الصادق في ظلام الليل الحالك، وباسم