حتى مع العدو، ولا يترك التمسك بالأخلاق العالية حتى في ساحة القتال.
هذا صلاح الدين الذي سار مثلا في شدته وجلادته، تستغيث به امرأة اختطف ولدها، فهي تبكي بكاء الثكلى، فيرق لها بطل حطين، ويطوف بها على القبائل والمنازل، حتى تعرف ابنها، وتضمه الى صدرها (?)، ويهدي الى قِرنِه، وأعدى عدوه في العالم "رتشارد" الثلج، والفواكه في مرضه (?).
الناس من خوف الموت في الموت، وأشد من الموت، يعدون هذه الحياة رأس مالهم ومنتهى آمالهم، فليس من الغريب أن يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، حتى إذا جاءه الموت، خرج من الدنيا حزينا متلهفا على ما يفارقه، كارها مستبشعا لما يستقبله. أما المؤمن فهو دائم الحنين الى ربه، شديد الشوق الى جنته، لا يبالي أوقع عليه الموت أم على الموت وقع، يستقبل الموت باسم الثغر جذل القلب، فرحا مستبشرا كأنما هو خارج من السجن، أو عائد الى الوطن.
لما طعن جبار بن سلمى عامر بن فهيرة يوم بئر معونة، فأنفذه، قال عامر: "فزت ورب الكعبة" (?) ولما ضرب ابن ملجم علي بن أبي طالب، قال: "فزت ورب الكعبة" (?).