وهو لا يحفل بذلك، ويمضي كالسيف، حتى يهزم يقينه ألف جند من الشك، وينقشع سحاب الأوهام، ويظهر يقينه مثل فلق الصبح.
استعمل النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيش وأمره بالتوجه إلى الشام، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسر الجيش، وارتدت العرب اما عامة أو خاصة من كل قبيلة، وظهر النفاق واشرأبت يهود والنصرانية، وبقي المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة، لفقد نبيهم وقلتهم وكثرة عدوهم، فقال الناس لأبي بكر: ان هؤلاء - يعنون جيش أسامة - جند المسلمين، والعرب على ما ترى فقد انتقضت بك، فلا ينبغي أن تفرق جماعة المسلمين عنك، فقال أبو بكر: "والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تختطفني، لانفذت جيش أسامة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم" فخاطب الناس وأمرهم بالتجهز للغزو، وأن يخرج كل من هو من جيش أسامة إلى معسكره بالجرف، فخرجوا كما أمرهم، وحبس أبو بكر من بقي من تلك القبائل التي كانت لهم الهجرة في ديارهم، فصاروا مسالح حول قبائلهم وهم قليل، فلما خرج الجيش الى معسكرهم بالجرف وتكاملوا، أرسل أسامة عمر بن الخطاب وكان معه في جيشه الى أبي بكر، يستأذنه أن يرجع بالناس، وقال: إن معي وجوه الناس وجلدتهم، ولا آمن على خليفة رسول الله وحرم رسول الله