ميدان حرب؟ فإذا ثار المؤمن للحق كسر طلاسم العقل، وفك سلاسل الكون، وحطم أصنام المادة، وأملى على العالم ارادة الله، فإذا هو مطيع خاضع وإذا هو متواضع خاشع، قلب تيار الحياة وغير وجه التاريخ، وأرغم الكون على أن يسير سيرته.

حالت دجلة في سبيل المسلمين دون المدائن، وكانت السنة كثيرة المدود، ودجلة تقذف بالزبد، فجمع سعد الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: "ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر اليهم" فقالوا جميعا: "عزم الله لنا ولك على الرشد، فافعل" فندب الناس الى العبور، واذن لهم في الاقتحام، وقال: "قولوا: نستعين بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لينصرن الله وليه، وليظهرن دينه، وليهزمن عدوه، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وتلاحق الناس في دجلة، وهم يتحدثون كما يتحدثون في البر، وطبقوا دجلة حتى ما يرى من الشاطئ شيء (?).

نزل طارق بالأندلس، والبحر وراءه والعدو أمامه، والمستقبل رهيب، والطريق مظلم، والأرض كفة حابل، والعدد زهيد والمدد بعيد، فهزئ بأشباح المادة المخيفة، وعاند العقل، وأمر باحراق السفن التي ترجع به الى بلاده (?)، وعزم على الفتح وأيقن بالنصر، فهزم العدو، وملك الجزيرة الخضراء للمسلمين.

أراد عقبة بن نافع أن يتخذ مدينة في افريقية، يكون بها عسكر المسلمين وأهلهم وأموالهم ليأمنوا من ثورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015