زد الى ذلك ما يوجد في العالم الاسلامي اليوم من التهور في الحصول على المادة وايثارها على كل مبدأ وعقيدة، وايثار الدنيا على الآخرة، والاخلاد الى الأرض وابتاع الهوى، وما تبع ذلك من التفسخ والاستهانة بمحارم الله وشيوع الخمر والفسوق في الطبقات الراقية، حتى تكاد تكون هذه الطبقة نسخة واحدة وصورة واحدة في كل بلد اسلامي الا من عصم ربك وقليل ما هم، والتحرر من قيود الاسلام وفرائضه تحررا تاما حتى كأنها لا صلة لها بالاسلام وشريعته، وكأنها شريعة منسوخة وأسطورة خيالية.
هذا تصوير العالم الاسلامي الديني والاعتقادي بالاجمال، وهي موجة جاهلية تكتسح العالم الاسلامي من أقصاه الى أقصاه، وهي أعظم موجة واجهها العالم الاسلامي في تاريخه الطويل، وهي تفوق كل موجة معارضة عرفها التاريخ الاسلامي سواءا في قوتها وفي شمولها وفي تأثيرها في المجتمع الاسلامي، وتمتاز عنها بأن المنتبهين لهذه الأخيرة قلائل، والذين ينقطعون الى محاربتها ويجندون لها قواهم ومواهبهم أقل، فقد حدث الالحاد وظهرت الزندقة بتأثير الفلسفة اليونانية في العهد القديم فوجد من يحاربها بعقله الكبير وذكائه النادر وعلمه الغزير ودراسته الواسعة وشخصيته القوية، وظهرت الباطنية والملاحدة فوجد من يحاربها بالعلم والحكمة والبرهان وبقي الاسلام محتفظا بنفوذه العقلي ومكانته العلمية ترتد عنه كل موجة عاتية، وينحسر عن طوده كل فيضان وكل سيل جارف.
ليست المسألة مسألة انحطاط في الأخلاق، وضعف في العبادات، وترك