عرف أنها لم تزل ولا تزال من أقوى عوامل الهدم والتخريب والافساد والتفريق بين الانسان والانسان، والمعقول المنتظر من الانسان الذي جاء ليوحد العالم ويجمع النوع الانساني تحت راية واحدة وعلى عقيدة واحدة، ويكوّن مجتمعا جديدا قائما على الدين وعلى الايمان برب العالمين، ويبسط الأمن والسلام وينشر الحب والوئام بين أعضاء الأسرة الانسانية، ويجعلها جسدا واحدا اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من المعقول جدا من هذا الانسان أن يحارب هذه العصبيات بكل وضوح وصراحة ويجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون.
ولكن العالم الاسلامي أصبح بعد ما غزته أوروبا سياسيا وثقافيا يخضع لهذه العصبيات الدموية والجنسية والوطنية، ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقة مقررة وواقع لا مفر منه، وأصبحت شعوبه تندفع اندفاعا غريبا الى احياء هذه العصبيات التي أماتها الاسلام والتغني بها واحياء شعائرها والافتخار بعهدها الذي تقدم على الاسلام، وهو الذي يلح الاسلام في تسميته بالجاهلية وليس في معجمه تعبير أهول وأفظع منها، ويمن القرآن على المسلمين بالخروج عنها وبحَثِّهم على شكر هذه النعمة التي لا نعمة أعظم منها: {واذكروا نعمة الله عليكم اذ