العلوم العمرانية في النفوس، حتى أصبحت تعتمد على المجموعات، والمؤسسات، والهيئات الاجتماعية، والحكومات، دون الاهتمام بالأفراد، مع أن الأفراد هم أساس المجتمعات والحكومات والأحزاب والمؤسسات، نقول لهم: أيها السادة، دونكم الأفراد فأصلحوهم وهيؤهم لهذا الهيكل الاجتماعي، فسيقولون: مالنا وللأفراد، نحن في عصر اجتماعي طابعه الاجتماع، فنقول لهم: آمنا بالاجتماع، ولكن اذا لم يكن الأفراد أين يكون المجتمع؟ ولكنهم يقولون: ان الافراد يصلحون بصلاح المجتمع؟ ان مثل هؤلاء الذين يهتمون بالمجموعات دون الأفراد مثل من يجمع أخشابا نخرة، متآكلة مخرومة، يريد أن يعمل منها سفينة تحمل جماعة كبيرة وبضائع ثمينة، فإذا قال له رجل صاحب نظر: ان هذه الأخشاب لا تصلح لبناء سفينة تحمل جماعة كبيرة وبضائع ثمينة ثقيلة: قال: ان هذه الأخشاب لا قيمة لها، إنما المهم السفينة، فإذا تكونت السفينة فقدت الألواح شخصيتها، فلا يهمك ان كانت الأخشاب فاسدة منخورة.
ان الفاسد فاسد ولكن اذا اجتمع الفاسد مع الفاسد ينتج الصالح! ان اللص لص، ولكن اذا اجتمعت اللصوص أصبحت حارسة للمدينة!! هذه هي عقلية أوربا - ان اللصوص لصوص في أفرادهم، ولكنهم أمناء في مجموعهم، ما هذا المنطق؟
الذئب ذئب، ولكن اذا اجتمعت الذئاب أصبحت راعية! ان الجمرة تحرق البيت، ولكنها اذا اجتمعت الجمرات أصبحت بردا وسلاما!!
هذا شيء مضحك، ولكن أليس هذا هو الأساس الذي يعمل في المدرسة والحكومة والمحكمة؟؟
من أين جاءت الحكومة والقضاة والجنود؟ أليس أكثر هؤلاء فاسدين ودون المستوى الواجب؟ فكيف تتحول هذه العصابات المجرمة الى مجموعة صالحة، رفيعة المستوى، عالية في الأخلاق؟