أوربا، وغذته الشيوعية، ذلك الأدب الخليع المستهتر، الذي ينبت في القلوب النفاق ويسقي غرس الشهوات، ويقوّض دعائم العمران، ويفسد نظام الأسرة، ويسخر من كل فضيلة، ويستهين بكل أدب ونظام، ويزّين للقارئ مذهب اللذة والانتفاع، وانتهاز الفرص، يلخص التاريخ ويوجز الفلسفة والعلم في حب المال والميل الجنسي، ويصور العالم كله، كأنه ليس الا ظهور هاتين العاطفتين، وليس وراء ذلك حقيقة علمية، ومبدأ سام أو غرض شريف.

وقد انتشر هذا الطابور في أنحاء العالم عن طريق الأدب والروايات والمجلات "والراديو" و "السينما" وتأثر به الحاضر والباد، وتحدثت به العوائق في خدورها، وصار ينخر الحضارة الدينية والأدب الاسلامي حتى تسرب العطب اليوم الى لبابه.

وهكذا أصبح العالم كله شعوبا وحكومات وأفرادا تحت سلطان المادية والقوة والجاه والشهوات، قد شغلت منه كل موضع ومنفذ، وملكت عليه جميع مشاعره، واستهلكت في سبيلها جميع مواهبه وقواه وتفكيره وذكاءه، وخلقت في الانسان نفسية لا تؤمن الا بالمحسوس، ولا تفكر الا في اللذة والهناءة والسعادة الدنيوية، ولا تهتم الا بهذه الحياة ومطالبها الكاذبة التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي إنما فرضتها على الانسان الحياة المزورة، والمجتمع الفاسد، والتجارة الجشعة.

كيف يحل في هذه النفس المادية الدين الذي أساسه الايمان بالغيب، وإيثار الآخرة على العاجلة، الذي يقول: {وما هذه الحياة الدنيا الا لهو ولعب وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} [العنكبوت: 64]، والذي يقول: {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015