والنخوة التركية، والفتوة الفارسية، والبطولة الهندية، والغيرة الافغانية حديثا من أحاديث التاريخ، وأصبحت الحياة في حواضر الشرق، بل وفي بواديه نسخة قاصرة ممسوخة من الحياة الغربية المصطنعة، لها ضراؤها، وليست لها سراؤها، ولها الغرم دون الغنم.
أصبح الناس في كل البلاد في تيار الحضارة الغربية يسيل بهم سيلها الجارف ولا يملكون من أمرهم شيئا وأصبح الوالد لا يملك ولده، والعاهل لا يملك أهل بيته، بل وأصبح الانسان لا يملك نفسه أمام الهوى، وانتقاد المجتمع اللاذع، ووخز الضمير، وغاص الناس في بحر المدنية الى آذانهم، فترى الصعاليك من العجم يغدون في حلة، ويروحون في أخرى، وترى الحفاة العراة العالة من العرب رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، ويتفاخرون باقتناء السيارات الأميركية من أحدث الطراز، وأفخر الأنواع، حتى يُخاف أن تنقرض الخيل العتاق من أرض الجزيرة التي ملأت التاريخ والأدب بحديثها وأخبارها.
شحنت البضائع الغربية أسواق الشرق الاسلامي، وأنبتت شرايين التجارة الغربية وعروقها - وهي طلائع السيادة الغربية، وسيطرتها السياسية وسهامها التي لا