الدين والآخرة وعن كل شيء غيرها في الدنيا، وأهاجت عليه هموما لا أرجاء لها، وبعثت فيه شرها للمال لا نهاية له، وأصبحت عليه الحياة جحيما لا يسمع فيها الا: هل من مزيد.

وما يكاد الشرقي يصل الى هذه المنتجات وشروط الحياة الا على جسر من المتاعب والمصائب، وعلى طريق من شوك وقتاد، ولا يكاد يتحلى بها الا وتصبح هذه المستحدثات آثارا عتيقة وأطمارا بالية، ويهجم عليه الغرب بطراز حديث من المنتجات والمصنوعات، فينكص على عقبيه ويتزود لاقتنائها بالمال اللازم - بوجه مشروع أو غير مشروع - ولا يكاد يطلع بها على مجتمعه الا ويرحل المنسوخ ويحل الناسخ، وهكذا لا يزال من حياته في جهاد مضن شاق ومع المصانع الغربية والتصدير الغربي في رهان دائم، يسبقه فيلحقه ويلحقه فيسبقه، ولا يزال من عيشه في مضض وغصص يتجرعه ولا يكاد يسيغه، ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت.

أفسدت المدنية الغربية والتجارة الغربية طبائع أهل الشرق وأذواقهم، على اختلاف أجناسهم وأوطانهم، ألانت منهم القناة وأطفأت فيهم جمرة الحياة، أذهبت منهم التمعدد العربي والتجلد العجمي، وأحدثت فيهم التخنث والتأنث الأوربي، وأصبحت الفروسية العربية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015