وإنما ضاعت فصاحة الفصحاء، وخطابة الخطباء، وبلاغة المؤلفين وأصحاب اليراع، واخلاص المخلصين وحكمة الحكماء، لأنهم لم يضربوا على الوتر الحساس ولم يصيبوا العدو في مقتله.

بلغت المادية أوجها في عهد الاستيلاء الأوربي، وأصبحت فلسفة وفنا وحياة ودنيا، وليس من مظهر من مظاهر حياتها ولا مركز من مراز نشاطها اليوم الا والفضل فيه يرجع الى أوربا وسيطرتها السياسية والاقتصادية مباشرة أو بواسطة، والى غزوها التجاري العالمي.

نافس تجار الغرب بدافع من حب الغنى والثروة، واحتكار الأموال في الصناعة والانتاج، وغزوا ببضائعهم الشرق وامتصوا بها دماءه، ولم يقض ذلك لبانتهم لأن نطاق الضرورة ضيق، والجشع ما له نطاق، فنافسوا في انتاج دقائق المدنية وفضول الصنائع وكماليات الحياة وصبوها على الشرق صبا، واستهلكوا في ترويجها كل ذكاء وأدب وفلسفة وسياسة، واستغلوا سذاجة الشرق وحبه للدعاية والفخر، فما لبثت هذه الدقائق والكماليات أن دخلت في أصول المعاش ولوازم الحياة في الشرق، وأصبح الذي لا يتحلى بها لا يعد من الاحياء ولا يعامل في المجتمع معاملة سواء، وأخذت بتلابيب الشرقي وأذهلته عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015