ان ألقى القوم نصائحه ووجه اليهم خطابه وحكمته، ونثر كنانته في الدين وأجلب عليهم بخيل العلم والبراهين، ذهب كل ذلك فيهم سدى، وأجابه لسان الحال قائلا: {قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليه، وفي آذاننا وقر، ومن بيننا وبينك حجاب، فاعمل إننا عاملون} [فصلت: 05].
قرأنا في حكايات "ألف ليلة وليلة" أن سندباد البحري وجد بيضة عنقاء، فظنها لكبرها وضخامتها وملاستها قصرا من الرخام، فدار حولها لعله يجد بابا يدخل منه في داخل القصر، ودار مرارا عديدة ولكنه لم يجد بابا، وعرف بعد ذلك أنها بيضة عنقاء، لا قصرا من القصور.
كذلك يدور الداعي حول هذه النفسية المستديرة التي استهوتها الدنيا وغشى عليها حب المال أو الجاه، فلا يجد فيها منفذا ينفذ منه الى النفسية وينزل في أعماقها، فيقطع منها الرجاء، وينقلب منها خاسئا وهو حسير.
اذن روح هذا العفريت الجاهلي، هو الاخلاد الى الأرض، الرضى بالحياة الدنيا والاطمئنان بها، وعبادة المال والمادة.
هذا مقتل هذا العفريت وهذا أبهره ووريده.