وأصبحت الحياة وتكاليفها جد الجد ولب اللباب، وأصبحت مسائلهم همّ الشيخ ودرس الصبي وشغل الشاب، وأصبح الجهاد في سبيلها والنجاح في ميدانها مقياس الفطنة والذكاء ومعيار الظرافة، واللباقة، ورمز المروءة والشهامة.

وهنا يقف الداعي الديني حائرا في أمره كيف يواجه هذه العقلية الهامدة والنفسية الباردة في سبيل الدين، أنه واجه العقول الثائرة على الدين فأخضعها ببراهينه، ووجد شكوكا وريبا تمكنت من النفوس، فسلَّها بحكمته وملأ القلب ايمانا وطمأنينة، ولكن ههنا يجد نفسه في موقف غريب لم يعهده، فلا انكار ولا جحود، ولا اباء ولا استكبار، ولا عناد ولا اعتراض، ولا دليل ولا فلسفة، ولكن حياد تام في مسألة الدين، واستغناء عن كل ما يتصل بالآخرة، واخلاد الى الأرض ورضى بالحياة الدنيا واطمئنان بها.

هنا يقف الداعي حائرا في أمره كيف يواجه هذه النفسية ومن أي باب يدخلها، انه يجد حولها غشاء من حب الدنيا والمال فلا سبيل اليها ولا نفوذ فيها الا بطريق الدنيا والمال، وأن سبيل الدين غير سبيل المال، وأن طريق الغيب غير طريق الحس والشهود، فماذا يصنع ومن أين يبدأ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015