قطر بأسره ومنابع ثروة أمة بطولها، حتى يلجأوا الى استقراض وتجارات وضرائب جديدة وأتاوات، ولا يبالون في سبيل ذلك أن يرهنوا بأيدي عدوهم رداء الزهراء، أو كساء أبي ذر، أوشملة أُوَيس، أو مصحف عثمان، أو صمصامة عمرو بن معدي كرب، أو رمح الزبير، أو بردة كعب بن زهير، ويهيئوا صبوحا أو غبوقا.
وقد هجم على عفريت الجاهلية جيش من المصلحين فصاحوا به من كل جانب، ورموه عن قوس واحدة، ولكن لم ينكأوا عدوهم ولم يصيبوا منه مقتلا.
ألقى الوعاظ والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر دروسا في الأخلاق، وأحاديث في الترغيب والترهيب، طمعوا الناس في الجنة، وحذروهم من النار، بشروهم بالوعد، وخوفوهم من الوعيد، فسمع الناس كل ذلك في هدوء ولم يحرك منهم ساكنا ولم يغير منهم خلقا.
ألف المؤلفون كتبا جاءوا فيها بكل رقيق مرقِّق، أوردوا فيها حكايات زهد العُمَرين، وتقشف علي بن أبي طالب، ومواعظ الحسن البصري، وكلمات ذي النون المصري، ورقائق الفضيل بن عياض، وزهديات أبي العتاهية، وفصاحة الواعظ ابن الجوزي، وتحليل الامام الغزالي.