الشجرة في غابة كثيفة يسكنها سباع ضارية، وحيات فتاكة، وعقارب سامة، ودونها خرط القتاد وحولها شُمّ الجبال.
وما زال الرجل يطلع جبلا بعد جبل، ويقطع واديا بعد واد، ويقتل وحشيا بعد وحشي، حتى خلص الى هذا القفص، وخنق هذه الببغاء ولم يكد يقتلها حتى حدثت رجة عظيمة دارت بها الأرض الفضاء، وأظلمت بها آفاق السماء، وصاح العفريت صيحته الأخيرة، وكان جثة هامدة لا حراك بها، وهكذا قتل الرجل عدوه بعدما لقي منه عرق القربة.
لعلك سمعت هذه الأسطورة من عجوز في بيت تحكيها لاحفادها أو أسباطها فمررت بها مستهزئا وقلت:
حديث خرافة يا أم عمرو.
نعم إنها لحديث خرافة، وأسطورة من أساطير الأولين، ولكنها تفيدنا بأن كل حي له مقتل ووريد، ولا يؤثر فيه عدو، حتى يصيبه في مقتله ويقطع منه الوريد، وأن دون ذلك المقتل وحول هذا الوريد حواجز وحصونا.
قد تسلط على الأمة الإسلامية عفريت من الحياة الجاهلية، واعتدى عليها بصنوف من الخبال، وضروب من الأذى والوبال، ظهرت في كثير من أخلاقها وأفعالها،