وأنهم وإياها ككفتي ميزان، كلما رجحت واحدة طاشت الأخرى.

وأصبح المسلمون أخيرا لجهلهم للدين وما يقتضي من حب وبغض، وبتأثير الدعاية، يرون الى الجاهلية الأوربية كالحليف الوحيد للإسلام، وأنهم يقرعون بين أممها ودولها أيها أقرب اليهم، وأنفع لمصالحهم، وأغراضهم السياسية والمالية، ويجهلون أنها مهما اختلفت في نظمها السياسية، وفي ادارتها الداخلية، أو سياستها الخارجية، ومهما تعادت وتباغضت فيما بينها، فإنها أخوات شقيقات من أب واحد وأم واحدة، وأنها لا تختلف في المبادئ الأولية وفي فلسفتها التي يسميها الإسلام "الجاهلية" وغاب عن عقلاء المسلمين والمتعلمين منهم بل وقادتهم وزعمائهم، - فضلا عن العامة - أنه ما دامت هذه الأمم تتمتع بالغلبة السياسية، وما دامت لها سيطرة على العالم فهي المثل الكامل والقدوة المثلى في الأخلاق والسيرة، والعلم والمدنية، والفضائل الرذائل، وما دامت كلمتها عليا فلا تزدهر للدين دعوة، ولا تعلو له كلمة، ولا تسود في العالم الأخلاق الفاضلة ولا تكون لها قيمة، ففي مصلحة الإسلام وفي مصلحة الإنسانية أن تعزل بأسرها عن قيادة العالم، ولما كان المسلمون هم المسؤولين وحدهم عن صلاح العالم وفساده، ووظيفتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015