وكان من نتيجة ذلك معركة بدر الحاسمة، وقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم الى ساحة القتال جيشا لا يزيد عدد المقاتلين فيه على ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، والجيش المنافس فيه ألف محارب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم يقينا أن لو وكل المسلمون إلى أنفسهم وقوتهم المادية، فالنتيجة معلومة واضحة، نتيجة كل قليل ضعيف أمام قوي كثير العدد.

فزع الرسول الى الله تعالى في إنابة نبي، والحاح عبد، ودعاء مضطر، وشفع لهذه العصابة في كلمات صريحة واضحة، نيرة خالدة، هي خير تعريف لهذه الأمة، وبيان لمهمتها وغرضها الذي خلقت له.

لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو هلكت هذه العصابة، وكانت فريسة للعدو، أقفرت المدينة، وأوحشت أسواقها، وكسدت التجارة، وبطلت الزراعة، أو تعطل شغل من أشغال الحياة، أو وقفت ادارة الحكومات. لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من ذلك، لأن شيئا منها لم يتوقف على المسلمين ولم يقم بهم، بل كان قبل وجود المسلمين ولا يزال في غنى عنهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر شيئا بعث المسلمون لأجله، وقام بالمسلمين وحدهم، فقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تُعبد".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015