حتى لا نقطع أمرا دونك. وإن كنت إنما تريد ملكا ملكناك علينا (?).
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك في هدوء وتأن، ثم رفضه في غير شك وتأخير، ولم يكن هذا العرض من قريش على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فحسب، بل كان على هذه الأمة التي يمثلها ويقودها. ولم يكن رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرضت قريش، رفضا عن نفسه الكريمة فقط، بل كان رفضا عن أمته الى آخر الأبد.
اقتنعت قريش بهذه المحاورة، ويئست من مساومة هذه الأمة، ولم تعد تعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة وعلى هذه الأمة بواسطة ما عرضته من قبل، وقطعت منها أملها.
وكان بعد ذلك صراع مستمر، ونزاع طويل، ولم يكن نزاعا في أغراض المادة وشهوات البطن، والاستئثار بموارد الرزق، والتغلب على الأسواق، بل كان نزاعا بين الإسلام والجاهلية بمعنى الكلمتين، نزاعا بين حياة العبودية والانقياد لله تعالى ورسوله، وبين الحياة الحرة المطلقة التي لا تعرف قيدا أو لا تخشى معادا ولا حسابا.