وفقدوا الايمان والحماسة الدينية، ففقدوا القلوب التي كانوا يلقون بها عدوهم، وسلاحهم الذي كانوا يقارعون به فيهزمون أضعافهم في العدد والعُدد، وأصبحوا كسائر الناس لا يمتازون بمزيد قوة ولا بزائد يقين، يألمون كما يألمون ولا يرجون من الله ما كانوا يرجون.

وفقدوا الأخلاق والفضائل التي كانت لهم قوة روحية وسلاحا ماضيا في معترك الحياة، دانت بها لهم الجبابرة، ولانت بها صخور القلوب، واستبدلوا بها عيوبا وأدواء خلقية واجتماعية، أخذوها من الأمم الجاهلية المنحطة التي عاشروها وسرت فيهم أيام ترفهم وانحطاطهم الخلقي والاجتماعي، فكانت كدابة الأرض تأكل منسأتهم. وتنخر الدعائم التي قام عليها بناؤهم.

ونضب معين علومهم، وجمدت قرائحهم وعقولهم، وحرموا الاجتهاد، والتفكير، وقوة الاكتشاف والابداع، ومني علماؤهم بجمود عقلي وركود علمي، لا يزيدون في ثروة العلم، ولا يفتحون للعقل أبوابا ومنافذ جديدة، ولا ينظرون في علوم الطبيعة والكون، بينما كانت أوربا تسخِّر لمصالحها قوى الطبيعة، ويكشف علماؤها عن أسرار الكون، ويتخذ عاملوها نفقا في الأرض وسلما في السماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015