الدعوة الثانية - الاسلام - أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب لهم الامامة في ذلك الى يوم القيامة.
كذلك لم تزل تمثل الدعوة الجاهلية وترأسها أمم وحضارات جاهلية في عصورها ودوائرها، حتى قضى ربك أن تتولى زعامتها وتحمل رايتها أمم أوربا النصرانية قبل نحو قرنين، وانما رشحها لهذا المنصب وجعلها حاملة لرسالة الجاهلية في العالم مجاهدة في سبيلها، سوء تمثيل النصرانية المحرّفة للدين المطلق، ورهبانيتها وعجزها عن حل القضايا الانسانية والمعضلات البشرية، ثم سوء تمثيل علمائها وكهنتها، وقسُسُها للنصرانية نفسها، وبما حالوا بين أمتهم وبين الرقي والتقدم، وبما أذاقوا العلماء الأحرار والمكتشفين من أنواع العذاب التي تقشعر لها الجلود، وتتفطر منها مرارة الانسان مما حفظه لنا تاريخ الصراع بين الدين والمدنية، والدين والعقل، والدين والعلم في أوربا، زد الى ذلك كله تهور الثائرين على النظام القديم وطيشهم، فكان عاقبة ذلك أن أصبحت أمم أوربا وهي المتحفزة للنهوض، الطامحة الى الرقي تبغض الدين مطلقا، وتتحرر من نظام قديم، وتعادي كل دعوة دينية خلقية، وترى فيها حجر عثرة في سبيلها، وفي أصحابها عدوا لدودا للرقي الانساني.
وعلى كل تحولت أمم أمم أوربا جاهلية مادية محضة، وكان