التاريخ، فما من أمة إلا وهي وليد أغراضها، ورهين بطنها وشهواتها، تعيش لأجلها وتموت في سبيلها. أما الامة الإسلامية فهي أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، وتجاهد في سبيل الله.

ظهرت نواة هذه الأمة في مكة - قلب جزيرة العرب - فقام العقلاء من قريش - وهم الآخذون بزمام الحياة في البلاد - ونثروا كنانة فكرهم، وقاسوا الناشئة الجديدة بمقاييسهم التي عرفوها وألفوها، ووزنوها في ميزان الانسانية الذي طالما وزنوا فيه أصحاب الطموح، فوجدوهم خفاف الوزن، طائشي الكفة، وذهبوا الى امام الدعوة الاسلامية، وأول المسلمين في العالم - صلى الله عليه وسلم - فقال قائلهم:

"إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرّقت به جماعتهم، وسفَّهت به أحلامهم، وعبت به آلهتهم ودينهم، وكفرت به من مضى من آبائهم، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل مناه بعضها".

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل يا أبا الوليد أسمع".

قال: "يا بن أخي، إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا. وإن كنت تريد شرفا، سودناك علينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015