إننا يا قوم فقراء ضعفاء متخلفون في العلم والصناعة، وفي الاقتصاد والسياسة، المسافة بيننا وبين الأمم الأوربية مسافة قرون وعهود، فليكن ذلك موضع اهتمام الزعماء والقادة، ولينل ذلك كل عناية ورعاية.
ولكننا في وقت واحد القوة الكبرى في العالم، فعندنا دين هو حاجة البشرية كلها، وعندنا دعوة تنقذ العالم من نهايته الأليمة التي تنتظره وتدنو اليه، وعندنا الايمان الذي يخلق الامانة والشعور بالمسئولية في النفوس ويخلق الدوافع القوية الى عمل الخير وخدمة الانسانية، وقد حرمتها الامم الزعيمة للعالم بعد ما ملكت كل الاسباب والوسائل لعمل الخير، وخدمة الانسانية، فأصبحت هذه الوسائل ضائعة بل متجهة الى القضاء على المدنية والانسانية، وحاجة أوربا في اقتباس هذا الايمان منا أشد وأعظم من حاجتنا الى الاقتباس من صنائعها وعلومها، لأن هذا الايمان هو الاساس، وهو الموجه وهو الضابط؟ وعندنا شريعة تحل جميع المشكلات والازمات التي يواجهها المجتمع البشري في القرن العشرين، وعندنا - أولا وآخرا - نبي أرسل رحمة للعالمين {يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور ويهديهم الى صراط مستقيم} [المائدة: 16].
ألا فلنتجه بهذه الدعوة الى أوربا الحائرة التائهة باخلاص ونزاهة، وتوجع وشفقة، وبقوة وثقة وايمان، ولننظر الى أنفسنا كدعاة ومنقذين، مبشرين ومنذرين، ونستخدم هذه القوة الجبارة في تغيير مصيرنا ومصير العالم، ولنحتل بفضلها مكانة الزعامة والقيادة في ركب الانسانية ومصاف الأمم، بعدما عشنا زمنا طويلا في مؤخر الركب