ونحن نعلم أن في هذه القصة بُعدا كونيا تتعلق به إرادة الحق سبحانه، فإن الأكل من الشجرة والهبوط إلى الأرض والخروج من الجنة كلها أمور ترتبت على أمر كوني إرادة الحق سبحانه من وقوع هذه المعصية لكي يهبط آدم إلى الأرض, ويعمرها كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ، قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الأعراف: 24, 25] وهذه القضية الكونية ليست مجال حديثًنا الآن, ولكن الذي ننبه إليه أن هذه المعصية كانت تسجيلا لحالات الضعف البشري أمام إغواء الشيطان, ولم تتضمن تنكرا ولا رفضا لأوامر الوحي.
وإذا تتبعنا مسيرة الوحي خلال تتابعه على الأنبياء والمُرسلين, وحاولنا التعرف على أسباب معاندة الأمم لأنبيائهم فلا نجد لديهم حجة مقبولة في منطق العقل, وإنما نشأت معاندتهم للوحي إما لأن الوحي يطالبهم بالتخلي عما ألفوه وورثوه عن الآباء من عادات وتقاليد موروثة وعقائد مألوفة، وإما متابعة للهوى وتحصيلا لرغائب النفوس وتحصيلا لشهواتها.
ومن المعلوم أن نفوس بني آدم متباينة وأهواءها متعارضة ومتنوعة ولكل عصر أهواؤه ورغباته، ولكل بيئة اجتماعية أهواؤها ورغباتها التي تنعكس في سلوكها وعاداتها وتقاليدها وفي علاقات الأفراد والجماعات بعضهم مع بعض, وهذا ما أكده القرآن الكريم في