وقال الإمام ابن بطة: لست ترد عليهم بشيء أشد من السكوت عنهم1.

وكان الإمام أحمد بن حنبل يعلم تلامذته ذلك المنهج، فلقد كتب إليه تلامذته يستأذنونه في أن يضع كتابا يرد فيه على أهل البدع, وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم. فكتب إليهم الإمام أحمد يقول: الذي كنا نسمع أدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم، أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ, وإنما الأمر في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم؛ فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون، فالسلامة أن تترك مجالستهم والخوض معهم في بدعتهم2.

ولقد شغب أصحاب المنهج المخالف من المعتزلة وغيرهم على أهل الحديث في منهجهم وشنعوا عليهم، وكانوا ينتصرون عليهم بالسياسة أحيانا كما حدث في زمن محنة الإمام أحمد، ونالوا منهم كثيرا، فنسبوهم أحيانا إلى الحشو وأحيانا إلى الجهل ومحاربة العقل، ولا يخفى الأمر على ذي فطنة إذا انتصرت السياسة لمذهب أو رأي, فالويل للمخالفين ولو كانوا على الحق المبين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015