وشدة تمسكهم بما سمعوه ونقلوه عنه إلى الناس من بعدهم، وذلك بدون واسطة بينهم وبينه، فحفظوا عنه ووعوا, واعتقدوا جميع ما سمعوا.
يقول الإمام اللالكائي في كتابه السنة عن هذا المنهج: فهذا دين أخذ أوله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشافهة لم يشبه لسان ولا شبهة، ثم نقله العدول عن العدول من غير تحامل ولا ميل، ثم الكافة عن الكافة والصافة عن الصافة والجماعة عن الجماعة. أخذ كف بكف، وتمسك خلف بسلف، الحروف يتلو بعضها بعضا، ويتسق أخراها على أولاها وصفا ونظما، فهؤلاء الذين تمهدت بنقلهم الشريعة، وانحفظت بهم أصول السنة, فوجبت لهم بذلك المنة على جميع الأمة. فهم حملة علمه، ونقلة دينه، وسفرته بينه وبين أمته، وأمناؤه في تبليغ الوحي عنه1.
ومن أهم ما عني به أصحاب هذا المنهج حرصهم على صفائه ونقائه، فلم يتأثروا فيه بمسلك الخصوم معهم، ولا بتشنيع المخالفين عليهم. فكانوا يكرهون مناظرة أهل البدع، ويتناهون عن نقل شبهاتهم أو عرضها على المسلمين مخافة الفتنة بها. يقول سفيان الثوري: من سمع بدعة فلا يحكها لجلسائه, ولا يلقها في قلوبهم2.