الآجلة. ومن ابتغى في غيرها مما يهواه أو يروم سواها مما تعداه أخطأ في اختيار بغيته وأغواه، وسلكه سبل الضلالة وأرداه، فيما يعترض على كتاب الله وسنة رسول الله بضرب الأمثال ودفعهما بأنواع المحال، والحيدة عنهما بالقيل والقال, مما لم يعرفه أهل التأويل واللسان, ولا خطر على قلب عاقل بما يقتضيه من برهان ولا انشرح له صدر موحد عن فكر أو عيان1.
إن الاعتصام بالنص الصحيح في قضايا الغيب كان منهجا أقوم في منطق العقل نفسه، ذلك أن العقل مطالب بالإيمان به وفي نفس الوقت ليس مؤهلا للبحث فيه كما هو شأنه في عالم الشهادة. ولم يطلب منه الشرع البحث فيه؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلفها إلا ما آتاها، وسبيله الوحيد إلى التعرف على الغيب هو خبر المعصوم عن الله، الذي قال لصحابته: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها, لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" 2، وفي القرآن الكريم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] ، وعن ابن مسعود: اتبعوا, ولا تبتدعوا.
وكان أهل الحديث هم أحرص الناس على ذلك؛ لاختصاصهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطول ملازمتهم له، وحفظهم العلم النبوي عنه,