وعطاء، لا مدخل لروافد العقل المعرفية إليه، ولكن هناك أبواب أخرى لتحصيل هذه المعرفة يدخل منها أهلها ويسعى إليها عشاقها، كما في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] ، {وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151] فهذا العلم لا ينال بكسب عقلي ولا يتخيله عقل ولا يناله وهم، وإنما يتعلم من الله بطريقه المعروف ووسائله المشروعة.
ب- وقد يطلق الغيب في القرآن الكريم ويراد به الذات الإلهية وصفاتها, وعلى ذلك كثير من المفسرين في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 2، 3] فقالوا: إن الغيب هنا هو الله، نقل ذلك ابن تيمية عن جماعة من الحنابلة منهم القاضي أبو يعلى وابن عقيل وابن الزاغوني1، وخالفهم في ذلك جماعة آخرون رفضوا إطلاق لفظ الغيب على الله.
ويبدو أن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي. ذلك أن الذين أجازوا إطلاق لفظ الغيب على الله، رأوا أن الخلق يغيبون عن الله في معظم أحوالهم، فلم يذكروه ولم يعبدوه ولم يشهدوه في أفعالهم، فهو سبحانه ليس بنفسه غائبا عنهم حفظا ورزقا ولطفا وعونا، وإن كانوا هم غائبين عنه إنابة وتوكلا، وذكرا وعبادة.