كل قصة يقصها عن الأمم الماضية, حيث يقول سبحانه وتعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار} [الحشر: 2] {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111] ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً} تكررت كثيرا في سورة الشعراء. هذه التعقيبات القرآنية على قصص الأمم الماضية تلفت نظرنا إلى الغرض من سوق هذه القصة, أو تلك ليقوم العقل بوظيفته فيها فكرا وتأملا واعتبارا, وذلك ما ندبه الشرع له وحثه عليه.
ب- الغيب المطلق:
وهو ما لا سبيل للعقل إلى العلم به عن طريق الحواس بحال ما، أو هو ما استأثر الله بعلمه وحجبه عن جميع خلقه، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59] , {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] .
أ- والغيب قد يطلق في القرآن الكريم ويراد به مكنون العلم الإلهي الذي استأثر الله به عن سائر خلقه، يستوي في ذلك الرسول والنبي والولي, إلا من شاء ربك منهم فيعلمه الله ما شاء من علمه كيف شاء, كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255] {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: 113] . فهذا العلم الإلهي غيب عن الإنسان لا ينال بحس ولا عقل، ولا سبيل إليه إلا بالتعليم الإلهي لمن شاء من عباده عن طريق الوحي أو الرؤيا أو الإلهام، فهو ليس اكتسابا ولكنه وهب