أ- غيب نسبي:
هناك ما يسمى بالغيب النسبي وهو ما غاب عن الحواس في عالم الشهادة, ويدخل في ذلك الماضي والمستقبل, فكلاهما غيب بالنسبة للحواس، وكذلك الأمر بالنسبة للحاضر، فهو غيب بالنسبة لمن لم يشاهده، لكنه ليس غيبا لمن عاصره وعاشه. فهناك أمور معاصرة للشخص المعين لكنه لم يشاهدها لغيابه عنها, فتكون غيبا بالنسبة له وليست غيبا لمن شاهدها، والشخص الواحد قد يكون الأمر المعين غيبا بالنسبة له في وقت دون آخر، وهكذا شأن الإنسان في عالم الشهادة، فالغيب بالنسبة له أمر نسبي إضافي، قد يكون الأمر غيبا بالنسبة لشخص دون شخص، وقد يكون الأمر غيبا للشخص الواحد في وقت دون وقت، وعلاقة العقل بهذا النوع من الغيب النسبي متفرع عن علاقته بعالم الشهادة، فما غاب عنا وجربه غيرنا لزمنا العمل بمقتضاه عند العلم به.
وما تواتر العلم به عن الأمم الماضية من أخبار الأنبياء عنهم هو مما يلزم العلم به، وما يتنبأ به العلماء بناء على المشاهدات العلمية المتكررة هو من هذا القبيل بناء على اطراد السنن الإلهية في الكون سواء تعلقت هذه السنن بالظواهر الطبيعية أو بالمجتمعات البشرية؛ لأن سنة الله في كونه لا تتخلف إذا وجد المقتضي وارتفع المانع، وهذا هو محل اعتبار الإنسان الذي ندبه القرآن إليه في نهاية