قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251] .
وقال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] .
وهذا التدافع هو أحد مظاهر التجمع البشري في كل عصر, وفي كل بيئة.
وفي وسط هذا الاجتماع البشري المزدحم بالمتناقضات، فالمصالح متضاربة والأهواء والرغبات متعارضة، والتفاوت كبير بين مستويات الفقر والغنى والصحة والمرض والضعف والقوة، ولا بد لهذه المتضادات من ضابط يحكم حركتها؛ لتكون في خير المجتمع كله، فلا تكون لحساب طبقة أو فئة على حساب أخرى. لا بد من ضوابط تنتظم بها العلاقات المتبادلة بين هذه المتضادات ولا بد أن تكون هذه الضوابط متعالية على الأغراض الشخصية أو الطبقية ليتحقق بها الخير لكل الطبقات، ولتسعد بها كل فئات المجتمع، وليس في مكنة البشر أن يضعوا هذه الضوابط المتعالية عن كل هذه الشبهات؛ لأن ذلك ليس من طبائع البشر. ولقد أثبت التاريخ والواقع المعاصر أن كل قانون تضعه طبقة اجتماعية حاكمة, فإنه يهدف دائما إلى تحقيق مصالحها على حساب الطبقات الأخرى, وكم شقيت طبقات