إن من يتابع الحركة الثقافية المعاصرة يجد أصحاب هذه الآراء أحد نمطين:
الأول: نمط مستغرب بفكره وثقافته وولائه, بهره تقدم الغرب علميا وتكنولوجيا، بهره كثرة الاختراعات والكشوف العلمية التي يعيش في ظلالها الغرب وهي لا شك كثيرة، في نفس الوقت شغله التخلف الذي يعيشه العالم الإسلامي، التخلف السياسي والاقتصادي والعلمي، وهو واقع لا سبيل لإنكاره, وأخذ يتلمس الأسباب لهذا الواقع المتخلف فكانت الإجابة عنده هي ما رآه المستشرقون من أسباب لتخلف العالم الإسلامي. إنه الإسلام ولا شيء غيره، إنه التمسك بالوحي ونصوصه، وهذا النمط من المثقفين لم نجد عندهم ولاء لديهم حتى يدافعوا عنه ضد هجمات المستشرقين, ولم نجد عندهم معرفة بدينهم ولا استعدادا لأن يعرفوا شيئا عنه وأغلقوا عقولهم على مقالات المستشرقين عن الإسلام, وأصبحت هذه الآراء عندهم أشبه بالمسلمات التي لا تناقش. وهذا التيار قد بدأ في بلادنا من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وما زال مستمرا بدءا من كتابات سلامة موسى حيث كتب "ما هي النهضة؟ " ودعا فيها إلى التخلص من الغيبيات ابتداء من الإيمان بوجود الله وانتهاء باليوم الآخر, وما زال التيار مستمرا.