ومن أراد أن ينتفع بالرياح, أو الهواء فعليه أن يتعرف على قوانينها, ومتى يستطيع تسخيرها والإفادة منها.
ومن أراد الانتفاع بالأرض وتربتها فعليه التعرف على خصائص التربة, ومتى تكون صالحة للإنبات ومتى لا تكون.
وكذلك عالم الأفلاك، وعالم الطب، وعالم الحشرات ... إلخ، والتسخير لا يتم إلا بمعرفة هذه القوانين وإعمالها، وهذا هو مضمار السبق الحضاري بين الأمم، وميدان السبق والتنافس بين الشعوب. وهذه القوانين التي يتم بها تسخير العالم لا تتأبى على من تعرف عليها مؤمنا كان أو كافرا؛ لأن ذلك مما أودعه الله في الكون وجعله ذلولا لمن توصل إلى اكتشافه وتعرف عليه. ويستطيع بذلك أن يخضع الكون كله لصالحه, فيفيد منه, وينتفع بخبراته، وينافس غيره من أمم الأرض.
حول قانون السببية:
وهنا نقطة على جانب كبير من الأهمية نود الإشارة إليها، ذلك أنه ينبغي ألا يظن المرء أنه حين يكتشف القوانين ويتوصل إلى معرفة العلاقة بين ظواهر الكون أنه بذلك قد استقل بهذا الكون, أو أن هذه القوانين التي اكتشفها تكفي وحدها في الاستقلال بالفعل في هذا الكون, أو أنها تعمل أثرها منعزلة عن خالق الكون. لا, إن هناك بعدا آخر على درجة كبيرة من الأهمية ينبغي ملاحظته، فقد نعرف