{لَكُمْ} تدل على أن التسخير مقصود وهو إحدى وظائف الكون المطلوبة، والتي ينبغي أن يتنافس حول تحقيقها المتنافسون لارتباط هذه الوظيفة بالوظيفتين السابقتين ارتباطا وثيقا، فهي بمثابة المقدمة لهما، ذلك أن تسخير الكون للإنسان لن يتم إلا إذا استطاع الإنسان أن يعمل عقله في أشياء الكون من سمائه إلى أرضه كاشفا عن قوانينه، باحثا في ظواهره بقصد الوصول إلى معرفة العلاقات المتبادلة بين هذه الظواهر وجودا وعدما، وهذا كله هو مفتاح الطريق إلى معرفة آثار الله في كونه ومعرفة آثار صفاته, وبالتالي فإن ذلك كله يقود العالم المتأمل إلى الإيمان بأن هذا الكون بما فيه من براهين بينات تبهر العقول آية من آيات خالقه سبحانه.

ولذلك فقد نبه القرآن الكريم في العديد من آياته أن هذه الآيات الكونية المسخرة لخدمة الإنسان، يجد الإنسان فيها خلال انتفاعه بها وتسخيره لها كثيرا من الآيات الناطقة بصفات خالقها الدالة عليه، وينبغي على الإنسان أن يتنبه لها لأنها ليست بعيدة عنه، بل إنها حوله مصاحبة له في غدوه ورواحه، وفي صباحه ومسائه، وفي نومه ويقظته.

فمن أراد الانتفاع بالماء فعليه التعرف على قوانينه، متى يتحول إلى جماد، ومتى يتحول إلى بحار، ومتى يستخدمه لتوليد الطاقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015