الوظيفة الثالثة:

3- دلالته على عالم الغيب:

إن وجود هذا الكون شاهد على عالم الغيب ودليل عليه، هو دليل على النشأة الآخرة، ذلك أن هذا العالم الحسي قد ثبت وجوده بحكم الواقع والمشاهدة، ولا شك في أن الواقع دليل عملي أكثر يقينا من الدليل النظري بحكم التجربة والمشاهدة، ولا شك أن هذا العالم لم يخلق نفسه، ولم يوجد من غير خالق، والذي أوجده أول مرة يكون قادرا على إعادة خلقه مرة ثانية، وإذا أخبرنا القرآن أن الله سوف يعيد الخلق مرة ثانية، فإنه بذلك يكون صادقا، وليس في منطق العقل دليل على امتناع ذلك بل إن العقل يقبل ذلك ويؤيده من خلال مشاهدته لهذا العالم الحسي، ومن خلال المشاهدات اليومية لأفعال البشر -ولله المثل الأعلى- فإنك إذا رأيت إنسانا يحمل أثقالا، مائة كيلو جرام مثلا, ثم جاء من يحدثك أنه رأى نفس الشخص يحمل 50 كيلو جراما فإن العقل يكون أكثر أمانا لقبول هذا الخبر وتصديقه؛ لأن مشاهدتك له وهو يحمل مائة كيلو خير دليل على صدق من حدثك بأنه يحمل 50 كيلو أقل مما رأيته أنت بنفسك، وهذا يعني أن عوامل صدق الخبر أكثر.

ولو جاء من حدثك أنه رأى الشخص يحمل مائتين أو ثلاثمائة، ربما توقفت في قبول الخبر وتصديقه، وربما خالجك نوع من الريب في ذلك، ولكن لما رأيته يحمل مائة كيلو وجاء من حدثك بأنه يحمل أقل مما رأيته كان الخبر أولى بالقبول والصدق من باب أولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015