وإذا تأملت جسم الإنسان فإنك تقرأ فيه من آثار الحكمة والعلم ومن صفات الخالق ما يسعه وعاء عقلك, وما غاب عنك أكثر وأكثر فالجسم غذاؤه واحد، وشرابه واحد، وهواؤه واحد، ولكن هذه المواد تتحول في جسم الإنسان إلى طاقات متنوعة الوظائف.
فكيف تتحول هذه المواد إلى طاقة باصرة في العين.
وكيف تتحول إلى طاقة سامعة في الأذن.
وكيف تتحول إلى طاقة هاضمة في المعدة.
وكيف تتم عملية تصنيع الدم بمكوناته المختلفة. وكيف وكيف ... ألا يقرأ العقل في هذا كله آثار الصفات الإلهية من الحكمة والعلم والقدرة.
ولقد أشار القدماء إلى بعض هذه المعاني كالإمام الأشعري في رسالة أهل الثغر وابن القيم في إغاثة اللهفان وابن رشد في مناهج الأدلة ما بين إيجاز وإطناب, ثم جاءت الكشوف العلمية فكشفت الستار عن كثير من هذه الغوامض، وأظهرت الكثير من معالم الحكمة والتقدير الإلهي في مفردات هذا العالم، والتي نبه القرآن الكريم إلى كلياتها أحيانا، وإلى مفرداتها أحيانا أخرى، ولقد وقف العلماء المعاصرون أمام حشرة النحلة في حيرة كيف يتم تصنيعها للعسل, وكيف يتحول غذاء النحل إلى هذا الشراب, متسائلين عن أسرار