هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120] . فبالإضافة إلى تثبيت فؤاده -صلى الله عليه وسلم- كان على المسلمين أن يفقهوا الموعظة ويتذكروا سنة الله في الأمم الخالية, ويجب على المسلم أن يراجع ما قصه القرآن الكريم من أحوال الأمم الماضية؛ ليعلم يقينا أن السنن ماضية في الكون الاجتماعي بنفس الدرجة التي تعمل بها في الكون الطبيعي، وكما أن النار سبب في الإحراق فكذلك الظلم والفساد سبب في انهيار الملك, ولا فرق بين تحقق القانون هنا أو هناك إذا وجد المقتضى التام وارتفعت الموانع, وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
الوظيفة الثانية:
2- الكون مرآة تتجلى فيه صفات الخالق:
يرتبط بالوظيفة السابقة ارتباطا مباشرا أن هذا الكون وما يحتويه من آيات بينات دالة على خالقها, أنه في نفس الوقت مرآة تنعكس على صفحتها صفات الصانع، وتتجلى فيه آثار صفاته الإلهية. فما أشبه الكون بطرفيه الطبيعي والاجتماعي بمعرض صناعي تظهر في أرجائه أنواع الصنعة الإلهية وتتجلى في أقطاره الأرضية وعوالمه العلوية صفات الحق سبحانه من العلم الذي تنكشف به دقائق هذا الكون وتتجلى غوامضه، ومن الإرادة الشاملة العامة، والقدرة المطلقة، والحكمة التي تنبئ عنها كل جزئيات هذا الكون صغيرة أو كبيرة, ظاهرة وباطنة، علوية وسفلية.