نعم, إنه معرض للصنعة الإلهية بفتح أبوابه أمام العقل من خلال آياته، وللعقل أن يجول في أنحاء هذا المعرض يقرأ فيه ويقرأ منه على قدر استطاعته، وما يراه العقل في هذه الصنعة من مظاهر المعرفة والإحكام والقدرة، فعليه أن يعلم أن هذه المظاهر مستمدة من صفات صانعها, وكلما ازداد العقل قراءة في هذه الصنعة ازداد فقها بها، فقها لها وقربا من صانعها, فيمتلئ قلبه شوقا وحبا ومعرفة به، ويتولد في القلب خشية منه، وطلبا للمزيد من العلم به والعلم منه كما قال سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ، {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ، {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّه} .
وحين تقرأ آيات القرآن الكريم تجد الحق سبحانه ينبّهنا في كثير من الآيات إلى مظاهر صفات الخالق سبحانه التي تنعكس آثارها في مفردات هذا الكون، وخاصة تلك الآيات التي أقسم بها القرآن الكريم والتي تتجلى في كل واحدة منها آثار صفات الله الحق سبحانه من دقة، وإتقان، وإرادة، وقدرة، وعلم، وحكمة.
وعليك أن تراجع ما أقسم به القرآن الكريم من آيات الله في الآفاق أو آيات الأنفس، وتتأمل ما فيها من دلائل حكمته، وطلاقة قدرته، وشمول إرادته. قال تعالى:
{فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ، وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ، وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} [الانشقاق: 16-18] .