اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ، أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [النمل: 60-64] .

وعليك أن تراجع آيات القرآن المكي الذي عُني بتأسيس اليقين وبناء العقيدة وما ذكره من آيات بينات دالة كلها على خالقها سواء كانت هذه الآيات تتعلق بالآفاق أو بالأنفس, وسواء كانت تتعلق بالكون الطبيعي وقانونه، أو بالكون الاجتماعي وسنن الله في قيامه أو انهياره. وكلها تؤكد أن هذا الكون آية، وكل جزئية منه آية. وصدق الشاعر لبيد حين قال:

وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه الخالق

وكما أرشدنا القرآن إلى التأمل في الكون الطبيعي وآيات الله فيه, نبهنا كذلك إلى تأمل آيات الله في الكون الاجتماعي وسنن الله في استقرار الملك فيه، فكان يذكر القصة وما يحيط بها من ملابسات وعوامل الاستقرار أو الانهيار, ثم يختمها بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً ... } . ولقد تكرر ذلك في القرآن كثيرا؛ ليفيد منه المسلمون ويعوا الدرس ويأخذوا العبرة كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} [يوسف: 111] وقال سبحانه: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015