والمقصود هنا هو هذا الكون بطرفيه؛ الكون الطبيعي والكون الاجتماعي، وكلاهما صفحة مفتوحة أمام العقل البشري يقرأ فيها ويقرأ منها على قدر استطاعته، يقرأ في العالم الأرضي كما يقرأ في العالم العلوي وما يحتويه هذا وذاك من مظاهر, وظواهر فالكون كله خاضع لسلطان العقل قابل لأن يعرف، بل إنه يجود في كثير من الأحيان بإظهار أسراره والكشف عن قوانينه, وعلى الإنسان أن يلاحظ ويتأمل, وأن يربط بين الظواهر وأسبابها ليتعرف على العلاقات الكامنة بين ظواهر الكون.
وفي التصور الإسلامي نجد أن هذا الكون موضوع المعرفة لم يخلق عبثا ولا مصادفة، وإنما خلق لتحقيق غاية مقصودة ووظائف منشودة. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} , {مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} .
{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} .
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} , فقال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} .