القرآن الكريم في أكثر من آية، وتكررت إليه الإشارة في أكثر من صيغة؛ لتفيد كلها معنى التحذير من الغفلة عنها، قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] , وقال سبحانه وتعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [آل عمران: 127] . وتكرر ذلك في القرآن كثيرا، ومن له خبرة باللغة ودلالة هذه الصيغ {أَفَلَمْ يَسِيرُوا ... } {أَوَلَمْ يَسِيرُوا ... } يعلم تماما أهمية الإشارات القرآنية إلى اكتشاف السنن الكونية التي نبه إليها القرآن وأثرها في العمران البشري. ولكن للأسف الشديد لقد غفل المسلمون عن النظر في هذين النوعين من القوانين: قوانين الكون الطبيعي، وقوانين الكون الاجتماعي, أو تغافلوا عنهما أو أريد لهم وبهم أن ينصرفوا عن ذلك؛ فكان واقعهم المتردي علميا واجتماعيا هو النتيجة الطبيعية لهذه الغفلة.
ولا ينبغي لأحد أن يتشدق بلغو الحديث فيربط بين هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه المسلمون والإسلام ليجعل الإسلام سببا في هذا الواقع؛ فإن الإسلام بريء مما فيه ومما عليه المسلمون من هذا التخلف والانهيار، ولو كان للإسلام الكلمة العليا لما وقع المسلمون في هذا القيد الحديدي من التخلف والانهيار الذي يعيشون فيه.